فصل: فصل في العقب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في كسر الساعد:

قد يتفق أن تنكسر الزندان معاً وقد يتفق أن ينكسر أحدهما وانكسار الزند الأسفل شر وأقبح من انكسار الزند الأعلى إذا انفرد الكسر بأحدها وذلك لأن الزند الأسفل وهو الساعد هو الحامل فانكساره شر ولأنه معرى من اللحم فانكساره أقبح وأيضاً فإن قبول الأعلى للعلاج سهل يكفيه مدّ يسير ولا كذلك الأسفل وخصوصاً إن انكسرا معاً ويجب أن يتوكأ عند مد العضو على الكوع وهو أصل الكفّ ويتعرف مبلغ شدّ الرباط فإنه إن أحدث منه في الأصابع ورماً يسيراً ووجعاَ يسيراً فإن الرباط معتدل وإن لم يكن البتة فهو رخو وإن كان كثيراً مفرطاً فهو شديد يجب أن يرخّى وأما وضع الجبائر فليس مما يخفي عليك ولكنها يجب أن لا يبلغ بطولها الكفّ وأصول الأصابع بل أقصر من ذلك بقليل إلا أن المحوج إليه قرب الكسر من المفصل الرسغي ولكن حينئذ أيضاً يجب أن لا يمسّ البراجم من الأصابع وإذا جبر وربط فيجب أن يعلق من العنق على شكل مروّى ويجب أن يكون تعليقه خاصة إن كسره إلى أسفل بخرقة عريضة تأخذ طول الساعد كله فإنه إن كان ملاقاة العلاقة من قرب الكسر فقط وسائره مبرأ عن المستند عرض التواء لا محالة ومال على ما يوجبه ميل الكفّ بل يجب أن يكون الكف وأكثر الساعد في العلاقة وأما إن كان الكسر إلى فوق فيجب أن يكون التعليق بحيث يبرىء الكسر ويقل الطرفين من جانب الكف ومن جانب المرفق فإن تبرأ ما بين ذلك يكون عوناً له على استواء الشكل وتكون العلاقة خرقة لينة ويكون التعليق بحيث لا تكبه البتة ولا تبسطه بسطاً عنيفاً وربما عرض للساعد أن يتجبر بسرعة إلى قرب ثمانية وعشرين يوماً.

.فصل في كسر الرسغ:

هذه العظام قلما يعرض لها الكسر فإنها صلبة جداً وإذا أصابها سبب أزالها عن مواضعها ولم يكسرها فتكون غاية العلاج فيها نحو ما قلناه في الخلع.

.فصل في كسر عظام الأصابع:

هذه أيضاً قلّما يعرض لها الكسر بل يعرض لها زوال وقالوا إن عرض لها كسر فينبغي أن يجلس العليل على كرسي مرتفع ويؤمر أن يضع كفه طى كرسي مستوِ ويمدّ العظام المكسورة خادم ويسوّيها الطبيب بالإبهام والسبابة.
وإن كانت الابهام مائلة إلى أسفل فينبغي استعمال الرباط من فوق فربما عرض ورم حار ولمكان استرخاء هذه العظام تجتمع إليها فضلة كثيرة وتجمد سريعاً فيشتدّ وإن عرض الكسر لسلامى أو لأصبغ إن كان الإبهام فينبغي أن يربط الرباط الخاص له وأن يربط أيضاً مع الكف لتثبت ولا تتحرّك وإن عرض الكسر لشيء من سائر الأصابع إن كانت السبابة أو الخنصر فلتربط مع التي تقرب منها وإن كان من الأصابع الوسطي فلتربط مع التي من جانبيها أو تربط كلها على الولاء بعضها مع بعض فإنه أجود وذلك أنها تثبت ولا تتحزك وتكون حينئذ كأنها قد ربطت مع جبائر أعني العظام المكسورة.

.فصل في كسر العظم العريض والورك:

عظم الورك قد ينكسر في الندرة بحال قوته وقد يعرض ذلك به على سبيل تفتت الأطراف وقد ينشق في الطول وقد يندفع داخله إلى باطن وقد يعرض بعد هذه الأحوال أيضاً من الوجع والنخس وخدر الساق والفخذ قريباً مما يعرض للعضد من انكسار المنكب وإذا انكسر العظم العريض الذي فوق العصعص أو تشظت عضلة صعب الأمر في إصلاحه وصار أحد الوركين إلى النقصان وعلاجه أن يبطح العليل ويتعاطى رجلان قويان مد فخذيه كل يمدّ منه فخذاً وقد تشبّث واحد بيديه لئلا يتسارعا إلى مدافعة ممن يُمَدّ فخذيه ويتولّى مجبر إن غمر وركيه بشدة وقوة حتى يستوي ثم يهيأ عليه الضماد ثم يستلقي على مثل كبة من خرقة أو نحوها مما له صلابة وهذا قريب مما يعالج به الكتف أيضاً.
وإذا انكسر من جانب الورك فعلاجه علاج انكسار المنكب ويجب أن يستعمل ا! لترطيب على الربط ويسوّي الرفائد كما ينبغي ويجب أن تكون مستندة على موضع وطيء جيداً.

.فصل في كسر الفخذ:

إذا انكسر الفخذ احتيج إلى مد قوي شديد ثم يسوى على الهيئة الطبيعية التي له وهي تحديب في وحشيه وتقعير يسير في أنسية على استمرار الهيئة التي له في الصحة وتراعى من حال انكسار وسطه وطرفه الأعلى والأسفل أحوال ذكرت في باب العضد ويكون الشد إلى فوق ليحفظ ويحبس.
قالوا إذا انكسرت الفخذ انقلبت إلى المواضع القدّام وإلى خارج وذلك أنها عريضة من هذه الناحية بالطبع وتسوى بالأيدي والرباطات وأنواع المد التي تكون على المساواة ويصير أحد الرباطين فوق الكسر والآخر تحت الكسر إذا كان الكسر في الوسط وأما إذا كان الكسر مائلاً عن الوسط وكان قريباً من رأس الفخذ فليؤخذ قماط ويلف في وسطه صوف لئلا يقطع في اللحم ويصير وسطه على العانة ويصعد أطرافه إلى ناحية الرأس ويدفع إلى خادم يمسكها إلى أسفل وإن كان الكسر فيما يلي الركبة فإنا نصير الرباط من فوق الكسر وندفع أطرافه إلى من يمدّها إلى فوق ونضبط الركبة أيضاً برباط نلفة عليه ونسوي هذا العضو والعليل مستلق على وجهه وساقه ممدودة وإن كان عظام تنخس فينبغي أن تسوى كما قلنا مراراً كثيرة وما ارتفع منها فليؤخذ وأما سائر التدبير فليكن على ما ذكرنا في باب علاج العضد وعظم الفخذ يشتدّ في خمسين ليلة وسنخبر كيف ينبغي أن يكون وضعه بعد أن يجمع علاج الساق ويجب أن يوضع بين الفخذين حينئذ كسرة من خشب أو نحوه حافظة للهيئة التي تسوى عليه وتجبر الجبر المعروف على تعاهد لما سيحدث من ورم وحكة.
وإذا عرض ورم على الفخذ فإنه يكون ورماً قوياً وهو مما يتسارع إلى الفخذ فحينئذ يجب أن تباثر إلى الحل ليتنفس ويتبدد الورم وقد عرفت النطولات الخاصة به وأما القوالب والبرابخ وهي ألواح عظام فيَها قليل تقعير لتتهندم على اللفائف.
وتأخذ طول الرجل فإنها إن قصرت ولم تجبر على الساق وقطع دون ذلك كان ذلك مما لا فائدة فيه الفائدة المطلوبة فيه.
وإن طولت كان المريض منها في تعب على أنها إن قصرت لم يخل من أتعاب وفائدة تطويلها أن يمنع أيضاً الطائفة الصحيحة من الرجل أن تتحرك إذا كانت حركة ذلك القدر ضارة بالكسر وخصوصاً في حال الغفلة والنوم وكان الحاجة إلى هذه الآلات إنما تكون في الكسر العظيم جداً ولا يمكن مع ذلك استعمالها إلا قبل أن ترم فإن الورم لا يحتمل أمثالها وبالجملة هو ثقل وبلاء وتعب ولا يجب أن يرغب فيها ما دام عنها استغناء بحيل أخرى وأما نصبة مجبور الفخذ فينبغي أن يكون على ما اعتاده في الصحة من دوام القبض والبسط والذي هو الأغلب فهو البسط واعلم أن منكسر الفخذ والورك قلما يعرى من عوج إذا انجبر وإن انقطعت شظايا عضلها استرسلت أولاً ثم تقلصت ثانياً.

.فصل في كسر الفلكة:

الفلكة قلما تنكسر وفي الأكثر تندق ويعرض ما يعرض لها باللمس وخشونته وبالفرقعة التي يفطن لها باللمس ويسمع بالأذن ويجب في علاجها أن يمدّ الساق ثم يلقم الفلكة موضعها وإن كانت تفرقت تجمع أولاً ثم تدس.

.فصل في كسر الساق:

إذا نكسر العظم الصغير من الساق فهو أسلم من أن ينكسر العظم الكبير وإذا انكسرت القصبة الصغرى العليا كان الميل إلى خارج وقدّام وكان المشي مع ذلك ممكناً وإن انكسرت القصبة الكبرى السفلى مال الساق إلى خلف وإلى خارج وإذا انكسرت القصبتان جميعاً فهو أردأ وحينئذ قد يعرض للساق أن يميل إلى جميع الجهات.
واعلم أن علاج كسر الساق على قياس علاج الساعد وفي مثله وليس حال الساق في انحراف يعرض لشكله الطبيعي كحال العضد بل هو مستقيم.
فيجب أن تكون مدة على أن يرد إلى الاستقامة فقط.

.فصل في الكعب:

الكعب مصون عن الانكسار لصلابته وبإحاطة الوقايات به وأكثر ما يعرض له إنما هو الخلع وقد قيل في ذلك كلام مستوفي.

.فصل في العقب:

انكسار العقب صعب وعلاجه عسر وأكثر ما ينكسر إذا سقط الإنسان من موضع فاتكأ على رجليه وربما عرض معه رض عظيم مع سيلان دم إلى بطون العضل يجمد فيها وقد يؤدي إلى أعراض عظيمة من حمّى واختلاط عقل وارتعاش وتشنّج من الرجل وإذا عرض فيه ورم جامد ليس يستبين ولا يخرج وقد أحدث كمودة لم تكن فهو علامة رديئة يدل على أنه في طريق التعفّن وإن كان ورمه ظاهراً مدافعاً فهو أجود وربما تيسر انجباره وإذا انجبر العقب كان المشي عليه موجعا، وإذا لم ينجبر العقب على ما ينبغي بطل الانتفاع به.

.فصل في أصابع الرجل:

علاجها في الخلع والكسر علاج أصابع اليد وربما سوّاها المجبر بقدمه يطؤها به وعليك أن تحتاط في جمع ذلك.

.الفن السادس: السموم:

يشتمل على خمس مقالات:

.المقالة الأولى: أحوال السموم المشروبة:

وتفصيل القول في معالجات السموم التي ليست بحيوانية وغير ذلك.

.فصل في كلام كلي في التحرز عن السموم المشروبة وعلاجها:

من خاف أن يسقى سماً فيجب أن يحترز عن الأغذية الغالبة الطعوم في حموضة أو ملوحة أو حرافة أو حلاوة والغالبة الروائح فإنهم يكسرون بذلك طعم ما يحسّونه ورائحته ويجب أن لا يحضروا مكاناً منهما على جوع شديد أو عطش شديد فإن كل واحد منهما يخفي ما يجب أن يتفطن له لشدة النهم وعلى أن الممتلىء من الطعام والشراب إذا سقي السم عرض للسم عرضان: أحدهما أن.
يندفن في خلال ما امتلأ منه.
والثاني أن العروق تكون مملوءة فلا يجد السمّ فيها منفذاً وربما كان فيها طعم شيء يضاد السم هذا ويجب عليه أيضاً أن يكون متناولاً على سبيل الاعتبار الأدوية الدافعة المضرة السموم كالمتروديطوس فقد جرّب منفعته ومثل معجون الطين الأرمني وكذلك التين مع ورق السذاب والجوز والملح الجريش.
وأما الأوزان فإن يأخذ من السذاب اليابس عشرين جزءاً ومن الجوز جزأين ومن الملح خمسة أجزاء ومن التين اليابس خمسة أجزاء.
والجدوار عجيب في دفع مضرّة السموم كلها وبوحا أيضاً ولست أحقق هل هما دواءواحد وأيضاً من بزر السلجم الصغار وزن درهم ونصف ويشرب بالمطبوخ والسذاب والملح أيضاً كذلك ويجب على المتحرّز أن لا يكون كل تحرزه من إطعام غيره أو سقيه فربما عرض له من حيث لا يحتسب بل قد يتفق أن يسقط شيء خبيث مثل العظاية والرتيلاء والعقرب فيما يطبخ أو في الأواني التي فيها شراب فإن كثيراً من الهوام يحب رائحة الشراب ويبادر إليه وقد يموت في الدنان وقد يشرب منه ويتقيأ فيه ولهذا يجب أن يتوقى المسقفات وما تحت الشجر العظام والمعاشب، واللّه أعلم.

.فصل في كلام كلي في السموم المشروبة:

أصناف السموم صنفان: فاعل بكيفية فيه وفاعل بصورته وجملة جوهره.
والأول إما أكال معفن مثل الأرنب البحري وإما ملهب مسخن مثل الأوفربيون وإما مبرّد مخدر مثل الأفيون وإما مسدّد لمسالك النفس في البدن مثل المرداسنج وأما الفاعل بجملة جوهره فمثل البيش ومثل الهلْهَل الذي يدعي أنه صمغ إما للبيش وإما لقرون السنبل وإما لشيء آخر ومثل قرون السنبل ومثل مرارة النمر وما أشبه ذلك وهذا شر السموم.
وأيضاً فإن من السموم ما يحمل على عضو واحد بعينه مثل الذراريح على المثانة والأرنب البحري على الرئة ومنه ما يحمل على جملة البدن مثل الأفيون وكلما قيل بتبديل المراج أو بالتعفين أو بالجمل على عضو فقد يجوز أن يكون فعله بعد حين على أن المتعفن كلما بقي في البدن كان فعله أردأ والسلامة منه بتحليل يعرض له ولما يعقبه بالعرق ونحوه أو بالعلاج المقابل له.
واعلم أن مضرة المخمدرات بالأمرجة الحارة من جهة أضعف ومن جهة أقوى وأي الجهتين غلب كان الحكم له فمن حيث أن المراج الحار في القلب يقاومها ففعلها أضعف ومن حيث أنها تجد من البدن الحار تلطيفاً لجوهرها البارد الثقيل واجتذاباَ بقوة حركة الشريانات وجذبها عند الانقباض فتكون نكايتها في الأبدان الحارة أشدّ لا سيما وهي مضادهّ لمراجها.
ويشبه أن يكون القول في السموم الحارة هذا القول أيضاً فإن المراج الحار يقاومها بالدفع عن القلب وتحليل القوة لكنّ الشرايين من المراج الحار يجذبها فيعرض مثل ذلك ولذلك قال جالينوس: أن القونيون وأظنه البيش أو سمًا قاتلاً إنما يقتل الإنسان ولا يقتل الزرازير لأنه لا يصل في الزرازير إلى القلب إلا بعد مدة قد انفعل فيها عن البدن الانفعال الذي ما بقي بعده إلا إنفعال الاستحالة غذاء وفي الإنسان يستعجل قبل ذلك لسعة مجاريه وشدة حرارته وقوة حركات شرايينه الجاذبة.
وأقول هذا وجه ما لكن المناسبات أيضاً بين القوى الفاعلة والمنفعلة مما يجب أن يراعى ومن أين علم أن القونيون سمّ بالقياس إلى المراج العريض الذيِ للحيوان مطلقاً إذا تمكن حتى يكون قاتلاً إذا تمكن من مثل الإنسان غير قاتل إذا لم يتمكّن من مثل الزرزور فعسى أن القونيون ليس بسمّ بالقياس إلى مراج الزرزور ولو لم يستحل غذاء ووصل إلى قلبه وصوله إلى قلب الإنسان بسهولة لم يقتل.
قال: وقد كانت بعض العجائز تناولت في أول الأمر من البيش شيئاً قليلاً جداً ثم لم تزل تلازمه حتى ألفته الطبيعة وتجرأت عليه وما ضرّها شيئاً وقد حدث روفس أنه قد يغذي الجارية بالسمّ ليقتل بها الملوك.
الذين يباشرونها وأنه يبلغ مراجها مبلغاً عظيماً حتى يقتل لعابها الحيوان ولا يقرب لعابها الدجاج.
قد يستدل عليها بما يحدث في البدن من الأوصاب فإن حدث شبه لذع وتقطّع ومغص وأكال عرف أن السم من قبيل الأدوية الحارة الحادة الحريفة مثل: الزرنيخ والسكّ والزئبق المقتول.
وإن حدث التهاب شديد ودرور العرق وحمرة العين وكرب وعطش دل على أنه سم بحرارته فقط مثل: الفربيون وإن حدث سُبات وخمر وبرد دلّ على أن السم من قبيل المخدرات وإن لم يظهر إلا سقوط قوة وعرق بارد وغشي فهو من السموم التي تضاد الإنسان بجملة الجوهر وهو أردؤها وقد يستدلّ عليها بالروائح إما رائحة البدن كله فمثل سطوع رائحة الأفيون من شاربه وإما رائحة عضو منه كرائحة الفم عند شرب السموم المعفنة مثل أرنب البحر وأقونيطن والذراريح وقد يستدلّ عليه بالتقيئة فإنه إذا قيىء المسموم لم يبعد أن يقع البصر على جوهر ما سقي منه أو يعرف بالرائحة أو بالطعم مثل: ما يقع البصر على المرداسنج والجبسين وعلى الدم الجامد واللبن المنعقد وكذلك الأفيون يعرف بالرائحة والأرنب البحري والضفدع بالسهولة.